سميرة ابراهيم الادارة العامة
عدد الرسائل : 1327 تاريخ التسجيل : 25/08/2007
| | الحلقة الثالثة عشر من برنامج قصص القرآن 2 | |
( الحلقة الثالثة عشر )
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله _صلى الله عليه وسلم.
قــارون:
تحدثنا سابقًا عما حدث للسحرة ومررنا بإيمانهم ثم استشهادهم، ثم قرار فرعون بقتل سيدنا موسى وخروج مؤمن آل فرعون ليقول: [... أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ...] {غافر:28}. إن موقف فرعون الآن في ضعف واهتزاز، ولم يعد على نفس القدر من القوة التي كان يتميز بها. وسوف نتحدث اليوم في البداية عما هو أشد وأشد وهو الخسف بقارون.
إن قارون كان من قوم موسى.. الذي باع أهله وعشيرته [إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى ...] {القصص:76} كان! في الماضي.. قبل أن يبيع قومه من أجل المال، باع رصيد القيم من أجل المال، ولكي يرضى عنه فرعون بدأ يتجسس على بني إسرائيل ويساعده ضد سيدنا موسى وبني إسرائيل فإذا بالمفاجأة [فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ...] {القصص:81} ومعنى أن يخسف بقارون أن يخسر فرعون قوة مالية واقتصادية شديدة؛ لأن كنوز قارون كان تدعم فرعون ضد سيدنا موسى.
كم سنة استغرقتها هذه الأحداث تقريبًا؟ وقد عاد سيدنا موسى من مدين وكلف بالرسالة وهو في الأربعين من عمره، وكم الفترة التي مكثها في مصر مرورًا بأحداث مواجهة السحرة، وفرعون، ومؤمن آل فرعون، وقصة الخسف بقارون؟ فهي تقريبًا خمس عشرة سنة أي أنه ما بين بداية مواجهة سيدنا موسى لفرعون، وخروجه من مصر عن طريق البحر أي أنه سيكون في الخامسة والخمسين من عمره تقريباً كما كان عمر النبي _صلى الله عليه وسلم_ في غزوة بدر، فقد بُعث النبي في الأربعين من عمره ثم تقع غزوة بدر بعدها بـ 13 أو 15 سنة، فالأحداث قريبة الشبه وطوال بعثته النبي _صلى الله عليه وسلم_ تتنزل الآيات بقصة سيدنا موسى وكأنها جاءت للتثبيت . قال تعالى [... نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ...] {هود:120}؟ لأن الأحداث متشابهة.
التجريد التدريجي:
إن الله سبحانه وتعالى أعطى فرعون فرصاً كثيرة، فهل تدركون ماذا كانت مشكلة فرعون؟ لقد كانت مشكلته الكِبر والغرور! تقول الآية: [وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ...] {النمل:14} " أي يعلمون أنه الحق فما المشكلة إذن" ؟! [... ظُلْمًا وَعُلُوًّا...] {النمل:14} وكانت هذه هي مشكلة فرعون وسوف أخبركم كيف جرد الله فرعون من قوته تدريجيًا.
أولا الحجة العقلية والمنطق العقلي فقد جرده الله منها في أول مواجهة بينه وبين سيدنا موسى، ثم تأتي العصا واليد البيضاء التي جرده الله بها من قدراته وإمكانياته، ثم إسلام آسيا الذي غلب به أسريًا، ثم مؤمن آل فرعون فغُلب في مستشارِيه ومعاونِيه، ثم غُلب إعلامياً في جنوده عندما قتل السحرة بيده، ثم الخسف بقارون الذي جرده من قوته الاقتصادية. وانتبه.. فأحياناً يمهلك الله ويأخذ منك شيئاً دون أن تشعر ثم يأخذ شيئًا آخر حتى إذا أخذك فلن يفلتك، فإياك من غضب الله وإياك أن تعتقد أن إمهال الله لك يدل على صحة ما تعتقد فهذا ما حدث مع فرعون، فإن ما حدث مع فرعون رسالة لكل شخص يرى أن اعتقاداته صحيحة وأن الأمور تسير طبيعية! فهناك قانون: أن الله يمهل فإذا أخذ الظالم لم يفلته.
جبهتــان:
سنتحدث الآن عن تسع آيات تحذيرية لفرعون، وسنتحدث عن نقطتين متوازيتين: ماذا يفعل سيدنا موسى مع بني إسرائيل، ونرى فرعون وقد جرده الله سبحانه وتعالى وأرسل له الرسائل التحذيرية المتتالية فهل سيفيق أم سيضيع بسبب التكبر والظلم.
سنبدأ بسيدنا موسى وهو في وسط بيوت بني إسرائيل وشبابها، وقد تعمدت استخدام كلمة الشباب لأول مرة لأن سيدنا موسى وجد في وسط كل الظروف المحيطة واضطهاد فرعون والإيذاء أن الذل قد قضى على بني إسرائيل والدليل على ذلك قوله تعالى: [قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا...] {الأعراف:129} أي أن وجودك يا موسى لم يغير من الأمر شيء بل إن فرعون بسببك زاد إيذاءه لنا.
تخيل الشدائد التي يواجهها سيدنا موسى، ضغوط من فرعون ومحاولة قتله، وكذلك عندما انتصر سيدنا موسى على السحرة ازداد إيذاؤه لبني إسرائيل فهو يقتل أولادهم ويستحيي نساءهم، وضغوط في إصلاح بني إسرائيل فهو يبذل وجهده وتضحيته وكل حياته من أجل أن يأخذ بيد بني إسرائيل وهم لا يريدون أن يتحركوا ولا توجد لديهم نخوة بل ويقولون له أن مجيئه زاد من تعبهم! فيالها من ضغوط! لقد كان النبي كلما آذاه أحد قال: (رحم الله أخي موسى لقد ابتلي بأكثر من ذلك فصبر)، لقد كان صبره عجيباً من أجل رسالته وإخلاصه ومن أجل الله والحق، فهل لديك قوة صبر كسيدنا موسى؟
تخيل كل هذه الضغوط وسيدنا موسى يحارب في جبهتين، جبهة مواجهة فرعون، وجبهة إصلاح بني إسرائيل وهو بمفرده مع هارون فحاول أمام كل هذا الظلم أن يعظ وأن يدعوا بني إسرائيل [قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ...] {الأعراف:129} يريد إخبارهم أن حال الدنيا يتغير فيبدوا أن سيدنا موسى قد علم أن نهاية فرعون قد اقتربت [...قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ] {الأعراف:129} فالعالم سيتغير وستدور الأيام فأروني ماذا ستفعلون إذا زال ملك فرعون، وكأنه يقول لهم بدلاً من قول نحن سنؤذى في كل الأحوال ثقوا في وعد الله وجهزوا أنفسكم حتى إذا جعلكم الله مسئولون عن الأرض كنتم أهلا لهذه المسئولية.
يا أيها المسلمون إن كنتم في مثل هذا الوضع الذي لا يخفى على أحد فلا داعي للوم القدر والتعجب مما يحدث لنا بل أعدوا أولادكم وأعدوا أنفسكم حتى إذا أذن الله للمسلمين ليكونوا في حال أفضل فتكونَ أنت مماً يقدمون شيئاً كبيراً للإسلام، وإياكم وفعل ما فعله بنو إسرئيل. واسمحوا لي أن أقدم لكم نصحية: عندما تحل بك الشدائد فانظر لنفسك فأنت دائرة صغيرة وسط دائرة الظروف الكبيرة فابدأ بتوسيع دائرتك الصغيرة كي تدفع الدائرة الكبيرة وهذا هو منهج سيدنا موسى وهو منهج علمي جميل. | |
|
السبت سبتمبر 05, 2009 8:06 am من طرف سميرة ابراهيم