سميرة ابراهيم الادارة العامة
عدد الرسائل : 1327 تاريخ التسجيل : 25/08/2007
| | وسائل التربية المؤثرة في الأطفال | |
وسائل التربية المؤثرة في الأطفال
{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (الفرقان: من الآية 74) أختي الحبيبة.. لقد تحدثنا من قبل عن فضل التربية وخطر إهمالها وصفات المربي، وسنتحدث في هذه المرة عن الوسائل المؤثرة التي تساعدنا في تربية الأولاد.
أولاً: التربية بالثواب والعقاب
الترغيب (الثواب): يُحدث انفعالاً وجدانيًّا بالنفس، ويرقِّق العواطف، ويجذبها للسعادة والأمن، ويدفع النفس إلى السلوك الطيب والسموِّ بالغرائز.
لذلك من فوائد التربية بالثواب أنها تساعد في تثبيت السلوك السويِّ، وتحسين الأداء، وبث الثقة في نفس الطفل، وتدفعه إلى مزيد من التعلم والأداء، وتُشْعِرُهُ بلذَّة العمل والحرص على استمرار النجاح.
ولقد حثَّنا رسول الله على الرفق والرحمة واللين في التربية؛ حيث قال: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفقَ في الأَمْرِ كُلِّهِ، إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ"، وكان يكافئ ويشجِّع المتسابقين ويقول: "مَنَ سَبَقَ فَلَه كَذَا وَكَذَا"، "مَا كَانَ الرِّفقُ في شَيْءٍ إلا زَانَهُ وَمَا رُفِعَ مِن شَيْءٍ إلا شَانَهُ".
ما هي أنواع أو وسائل التربية بالثواب؟
الثواب إما أن يكون معنويًّا، وإما أن يكون ماديًّا؛ فمن المعنوي ألفاظ الشكر: جزاك الله خيرًا يا بُنَيَّ الحبيب، أو الثناء والمدح: ما شَاءَ اللهُ عليك.. أنت ولدٌ ممتازٌ، أو الاستحسان والقبول، أو الدعاء له برضا الله عنه وحبّ الله وجنّته: الله يرضى عليك، ويرزقك حبَّه، ويُدخِلُك جنة الفردوس، رضا الوالدين، نظرة حانية، عاطفةٌ دفَّاقةٌ، السماح له بعمل محبَّب أو لعبة محبَّبة مفيدة، وتشجيع.
ومن المادي: هدية رمزية مفيدة أو قيِّمة، مبالغ نقدية، نزهة، زيارة، توفير احتياجاته كاملةً وتَرْضِيَتُهُ إن كان هناك ما يُحزنه لحديث الرسول: "إِنَّهُ مَنْ تَرَضَّى صَبِيًّا صَغِيرًا مِنْ نَسْلِهِ حَتَّى يَرْضَى تَرَضَّاهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يَرْضَى".
متى يُثَاب الطفل؟ يُثَاب الطفل على عمل يستحق، كـ: التزامه بسلوك صحيح، إنتاجِ عملٍ شاقٍّ، إيثارٍ في وقت مناسب (أعطى لعبته للضيوف)، تفوُّقٍ في حفظ القرآن أو في دراسته وأخلاقه، أو حَسَّن مستواه.. وهكذا.
لا يجوز إثابة الطفل على عملٍ يجب عليه أداؤه، كواجبه المدرسي اليومي، أو نجاحه آخر العام، أو صلاته إن كان مُكلَّفًا، أو أكل طعامه؛ حتى لا يكون نفعيًّا ماديًّا.
الأطفال الصغار (حضانة ومرحلة متقدمة في الابتدائي) تناسبهم المثوبة المادية أكثر، وتكون بسيطة، ولا يجب الإكثار منها، أما السن الأكبر (الابتدائي والإعدادي) تكون بين المثوبة المادية والمعنوية، أما في مرحلة الثانوي فالمعنوية أولى.
إعطاء المكافآت بعد فترات مختلفة وغير محددة بوقت، وعقب القيام بالاستجابة المطلوب تعلُّمُها تُزِيد من قوة تعلُّم هذه الاستجابة، وتُزِيد من صعوبة انطفائها، مثل مكافأة الأم أو المُدَرِّس التلاميذَ لأدائهم الواجبات المدرسية بانتظام خلال مدة طويلة، أو مكافأة الأم من يبدأ بالجلوس مبكِّرًا للاستذكار، فهذا يُزيد من نشاط الأولاد، وفي هذا المعنى ذكر لنا رسولنا الكريم هذا الحديث: "إِنَّ في اللَيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ- تَعَالَى- خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ"، وعن يوم الجمعة: "إِنَّ فِيهِ سَاعَةً لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا إلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ".. فترات زمنية مختلفة غير محددة، وكذلك ليلة القدر.
الوفاء بالوعد مباشرةً بعد أن يَعِدَهم بمكافأة أو أي حافز، فلا ننسَ ما وعدْنا به بعد تحقيق المطلوب، كذلك فإن الأطفال لا ينسون مثل هذا.
كيف نثيب؟
لا بد أن يُفهم الآباءُ أبناءهم أن الثواب ليس غايةً في حدِّ ذاته، وإنما هو وسيلةٌ كي نبني من خلالها القيم الصحيحة وننمِّيَها، ويفضَّل في معظم الأحوال الإثابة المعنوية على الإثابة المادية؛ حتى ترتقيَ به بعيدًا عن النفعية المادية، كالرضا عنه، والابتسامة، وكلمات الشكر والمدح والثناء، ويُحذَر الإسراف في عملية الإثابة على كل عمل يؤديه، فلا تُغرقيه بالمدح والثناء فيفقد قيمته، ولا تُكثري من الهدايا بمناسبةٍ أو بدون مناسبة فتفقد قيمتها، وقد يعتبرها الطفل من وجهة نظره رشوةً مقدمةً من الأب أو الأم على أداء عمل مفروض عليه أن يؤدِّيه من تلقاء نفسه، مثل نجاح آخر العام، أو حلّ واجباته اليومية، أو يقول: "إذا فعلتُ كذا ماذا سآخذ بالمقابل؟"، وقد نسمع من بعض الأطفال عبارات: "أنا نجحت لكم"، "مش هاعمل لكم الواجب"، فهنا الإثابة فقدت قيمتَها وأصبح ماديًّا نفعيًّا، وهذا يكون مع الطفل المدلَّل؛ لذلك الاتزان والاعتدال في الإثابة مطلوب.
الترهيب والعقاب
يُحدِث انفعالاً وجدانيًّا في النفس، ويرقِّق العواطف، ويبعدها عن الضرر، ويخوِّف الإنسان من الخطايا والآثام، ويدفع النفس إلى السلوك الطيب والسموِّ بالغرائز، بعض الاتجاهات الحديثة تُنِفِّر من العقوبة، وتكره ذكرها على اللسان، فكانت النتيجة أن الجيل الذي تربَّى بلا عقوبة في أمريكا جيل مُنْحَلٌّ مُتَمَيِّع مُتَفَكِّك، والعقوبة ليست ضرورة، فقد يُستَغنَى عنها بالقدوة والموعظة، فهي للضرورة فقط.
العقاب وسيلةٌ من وسائل التربية، ولكن لا نبدأ به إلا إذا فشلت أساليب الترغيب السابقة؛ فإن البدء بالعقاب يدفع إلى الخمول وضعف الأداء وتثبيط الهمَّة، وقد يحمله على الكذب والتظاهر بغير ما في ضميره؛ خوفًا من القهر، وقد يعلمه المكر والخديعة، ويؤدي به إلى كراهية مصدر العقاب، وكراهية العمل الذي يُؤَدِّي إلى العقاب، وتثبيت السلوك المرفوض والاستمرار عليه.
والإكثار من العقاب يُفقِده قيمتَه، ويولِّد عند الطفل ميولاً عدوانيةً على الآخرين، وقد يؤدي الاستمرار في العقاب إلى الإحباط والفشل، لكنَّ العقابَ المناسبَ المعتدلَ يدفع الإنسان إلى تصحيح الخطأ وحسن الأداء؛ قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "عَلِّقُوا السَّوْطَ عَلَى الجَارِ وَذَكِّرُوهُم بِاللهِ" حتى ينتبه، ولا نلجأ للضرب إلا للضرورة؛ لأن الأصل في التربية الرفق، فهي تبدأ بالرفق واللين، وتنتهي بالشدة والحزم، في إطار الروح الإنسانية وكرامة الإنسان في جوٍّ من العدالة والرحمة. | |
|
الخميس مايو 01, 2008 5:24 am من طرف سميرة ابراهيم