العنوان الإشارة إلى شيء من حقوقه عليه الصلاة والسلام
المؤلف عبد الرحمن السحيم
عدد القراء 2733
نص الدرس
الإشارة إلى شيء من حقوقه عليه الصلاة والسلام
نقل الإمام البيهقي في شُعبِ الإيمان عن الحَليمي أنه قال :
معلوم أن حقوق رسول الله صلى الله عليه أجل وأعظم وأكرم وألزم لنا وأوجب علينا من حقوق السادات على مماليكهم ، والآباء على أولادهم ؛ لأن الله تعالى أنقذنا به من النار في الآخرة ، وعصم به لنا أرواحَنا وأبدانَنا وأعراضَنا وأموالَنا وأهلينا وأولادَنا في العاجلة وهدانا به ، كما إذا أطعناه أدّانا إلى جنات النعيم ، فأية نعمةٍ توازي هذه النعم ؟ وأية مِنّةٍ تُداني هذه المِنن ؟
ثم إنه جل ثناؤه ألزمنا طاعتَه ، وتوعدنا على معصيته بالنار ، ووعدنا بأتباعه الجنة .
فأيُّ رُتبةٍ تضاهي هذه الرتبة ؟
وأيةُ درجةٍ تساوي في العلى هذه الدرجة ؟
فحقٌّ علينا إذا أن نحبَّه ونجلَّه ونعظِّمَه ونَهيبه أكثر من إجلال كلِّ عبدٍ سيدَه ، وكلِّ ولدٍ والدَه ، وبمثل هذا نطق الكتاب ، ووردت أوامر الله جل ثناؤه . قال الله عز وجل : ( فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) فأخبر أن الفلاح إنما يكون لمن جمع إلى الإيمان به تعزيرَه ، ولا خلاف في أن التعزير ههنا التعظيم . وقال : ( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ) فأبان أن حقَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته أن يكون معزراً موقّراً مهيباً ، ولا يعامل بالاسترسال والمباسطة كما يعامل الأكْفَاء بعضُهم بعضا . قال الله عز وجل : ( لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا ) فقيل في معناه : لا تجعلوا دعائه إياكم كدعاء بعضكم بعضا فتؤخِّروا إجابته بالأعذار والعلل التي يؤخِّرُ بها بعضُكم إجابة بعض ، ولكن عظموه بسرعة الإجابة ، ومعاجلة الطاعة ، ولم تُجعل الصلاة لهم عذرا في التخلف عن الإجابة إذا دعا أحدَهم وهو يصلي ، إعلاما لهم بأن الصلاة إذا لم تكن عذراً يُستباح به تأخير الإجابة فما دونها من معاني الأعذار أبعد . انتهى كلامه – رحمه الله – .
ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم :
أن نُعظّم كلامه صلى الله عليه وسلم
فلا نعرض كلامه على كلام غيره ، ولا قوله على قول غيره كائنا من كان من الناس .
بل نعرض كلام الناس على كلامه صلى الله عليه وسلم فما وافق سُنّتـه قبلناه ، وما عارضها رددناه ، وضربنا به عرض الحائط ، كما كان الأئمة الأربعة وغيرهم يقولون .
ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم أن يُفهم عنه كلامه على مُرادِه هو صلى الله عليه وسلم لا على مُراد غيره .
قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية :
فيجب أن يفهم عن الرسول مراده من غير غلو ولا تقصير فلا يحمّل كلامه ما لا يحتمله ، ولا يُقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان ، فكم حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال والعدول عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله ، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام ، وهو أصل كل خطأ في الفروع والأصول ، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد ، والله المستعان .
[ وأصل الكلام لابن القيم في كتاب الروح ]
ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم :
أن نأخذ أقواله مأخذ الانقياد والتسليم .
سواء وافقت أهوائنا أم لا .
وسواء علمنا الحكمة منها أم لم نعلم .
وسواء وافقها العلم الحديث أم لا .
فكم من الناس اليوم يرد أقوال النبي صلى الله عليه وسلم الصحاح بحجة أنها لا توافق العلم الحديث !
وهل العلم الحديث قد أوتي العلم كلّـه ؟؟
( وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً )
وكم من عائب قولاً صحيحاً *** وآفته من الفهم السقيم
كم عاب عائب حديث " إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ، ثم لينـزعه ، فإن في أحد جناحيه شفاء ، وفي الآخر داء " . رواه البخاري
وما هي إلا سُنيّات من عُمره حتى أثبتها الطب الحديث ، فعاد من أنكر الحديث يجرّ أذيال الخيبة ليُثبت الحديث !!
ما هكذا يُعظّم جناب النبي صلى الله عليه وسلم .
بل هذا يُنافي توقيره صلى الله عليه وسلم .
فالواجب الانقياد والتسليم له صلى الله عليه وسلم .
ولنقل كما قال إمام دار الهجرة : إذا صـحّ الحديث فهـو مذهبي .
فالشأن أن يصحّ الحديث ، فإذا صح الحديث فلا عبرة ب
قول قائل .
والله المستعان ، وعليه التكلان .