لمسات ناعمة هدهدت شعري وأنا في إغفاءتي، رفضت أن أفتح عيني، فنومي عزيز، وعزيز جدا، إذ لا يأتيني إلا بعد أن تدور كل أفلام يومي، كلها، بغيضها وجميلها، فأقلب بغيضه لأرميه، بعد تفتيته كاملا، وما هو جميل أقلبه بكل جنباته، حتى أتمتع بدقائقه كلها، ليعيدني نشوتي، ويلبسني سعادة تمحي كل بغيض قد كان، وقد يتعداه لبقايا من أمسي حيث ما أكثر إزعاجات يومياتنا، وليزودني لغدي، حتى أحيل الغد إلى تفاؤل أكبر..؟؟ وهذا يعني قد انقضى الليل..وبات صبحا آخر، وعلى هذا يزعجني ما يفوت علي غفوتي..!! ولكن كان الزائر الليلي جعلني أبحلق، وأبحلق، دون أن ترمش جفوني لضيائه المفاجئ ،كما هي العادة بمباغتتنا بنور في حلكة الظلمة..!! كان نوره يشد بصري، بنشوة، فأنهضني كما العصا السحرية تعمل بالمسحورين ليعودا إلى أدميتهم، بعد أن سحرتهم الشياطين فقلبتهم صخرا، كان صوته خافتا والغرابة أنه قوي.. لقد جلجل قلبي.. قائلا وداد..وداد.. أنا.. أنا حلمك المجنون.. أنا أمنيتك المجنونة، أنا العدالة.. حلمك المعذبك على الدوام..!! بحلقت كل خلايا، ومسام جسدي.. لتقول هل أنا فبي حقيقة أم منام..!!.. كان الصوت مسموعا.. ونوره الوهاج ملأ المكان مع ابتسامة أزالت الخوف والقلق المسكون في قلبي، لتقول لا.. أنه الحقيقة.. أنا هنا..!! شهقت شهقة الغريق، وانتفضت صارخة، الله.. الله.. الله أنت العظيم..!! فرميت بكل الأغطية، وقفت، وبانحناءة كل العالم، طويت جسمي حتى كاد رأسي يطأ قدمي.. علما أنني لا يمكنني ألمي الفقري أن أنحني هذه الانحناءة لمرض خلقي في فقراتي، ولكن أنها العدالة، تقتل حتى المرض والعيب الخلقي، أنها شيء سماوي فيه وبه المعجزات..!! كان بي أنين.. مع فرح.. مع خوف..مع حب مع اختلاجات كل المشاعر الإنسانية ما بين الأم والفرح، وهمهمت .. أيتها العدالة.. بحثت عنك، في كل البلاد التي زرتها، في كل الزوايا، عبرت المحيطات فلم أجدك، لقد افتقدك في كلها، في كلها..!! واليوم وأنت الأمل المفقود، تأتيني.. وكيف..!! - فهل سيعم العالم السلام..!! هل ستموت الجريمة..!! هل سينمحي الفقر…!! هل ستقف لقمة الغني في حلقه حتى يشبع الفقير..!! هل ستنمحي السجون..!! هل ستقام مدارس للأطفال المحرومين..!! هل سيعود عراقي، وتنام طفولة فلسطين، وطفولة كل العالم المليء بالمحرومين..هل هل سنجد الضمير المفقود، فتموت الخيانة..!! هل سيحب البشر لإخوانهم كما يحبون لأنفسهم..!! هنا في هذه العبارة تتجسد كل معانيك.. أنت أيتها العدالة..؟؟ هنا.. راعني أن رأيت الدموع كاسحة من عيون زائرتي العدالة، عندها ، خرجت من غرفتي، وفرت هاربة.. لحقت بها، كيف تفلتين مني .. عندها كل قوى العالم شدت ساقي، ودكت قدمي، فقفزت، فكنت عندها في الطابق السفلي، ولكنها فتحت الباب الرئيسي وخرجت هاربة، فلا أدري كيف فتحت الباب، إنه مغلق، لعلها القوة الإلهية للعدالة، ومططت ساقي راكضة، عند أول انحناءة في بداية الشارع الفرعي تدحرجت، فقمت عاجلة.. وكانت قد عبرت الفرع الثاني، وعبرت خلفها، هناك وعند تلك النقطة في آخر الشارع الخلفي، أخذتني رعشة قوية، لقد لاح لي أنها كما الشمع، تذوب لتتساقط بعضا من أطراف العدالة، فتمسك بها لتعيدها أخرى، فتسقط أخريات، عندها أحسست، بدوار وكاد السقوط أن يحل بي، فانكفأت، وبكيت العدالة.. وكانت صرخة من أعماق أعاميقي، مزقت الزمان وكأنما العاصفة حلت بالمكان.. لقد قتلوك.. قتلوك أيتها العدالة..!! تقلصت كاملا، وتكور جسدي أرضا، وأجهشت في بكاء مرير، عندها سمعت هدير قطار يمر سريعا، علما إنني أدري ليست في الدوحة قطار، لكنه، قد جاء لست أدري كيف فأنه موجود، مر أمامي رأيته بأم عيني، وبعبوره .. عبر إلى وجاءني طفلي البعيد.. البعيد.. البعيد، يقود العدالة، مع إشراقات كل العالم على وجهه، ليقول لي، أنا هنا لا تجهشي.. وهذه العدالة بين يدينا..!! سجدت لله، وعادني وجودي وشعري القديم، فقد آن الأوان .. مع طفلي المنتظر..!! يا طفلي المنتظر.. يا قدر ..ويا أحلى قدر..؟؟ يا طفلي الذي كان.. فقدك وفقدت الزمان..؟؟ سألتك كل يوم، وما فات من الأوان.. متى تظهر ..؟؟ فيا طفلي المنتظر..!! السماء تنذر بالخطر ..متى تظهر..!! أطالعك.. بين ملايين البشر..!! بساعدك.. الأسمر..! اغتالك التنين ..مرات ..ومرات.. ولم يقدر..!! فمتى تظهر..! وتخنق العربيد الأخطر..!! وتغسل من دمه الأبواب..!! والسم النابت في الأعتاب..!! متى .. متى .. تظهر ولينـزل.. المطر..!! ولتغسل عالمنا ..من دنسه يتطهر ..!! انتظرتك.. بثواني الزمن.. بعشق السنين.. وأكثر.. تتسامى روحا.. طهرا.. تتفجر.. فمتى ..متى.. تظهر .. ولتعلن الحق.. وتنتشر العدالة.. لكل البشر.. قارئي العزيز.. لا تقل أنها أحلام مجنونة، فالتقرحات ما زالت في قدمي.. وكدمات على ساعدي، فلا تقول أنها تخاريف عدالة.. أنها العدالة.. وإلا فلم تكن عدالة، إذا لم نبحث عنها بكل جراحاتنا، حتى تقوم من أجلي وأجلك، وأجل كل الطفولة، لعل يعودنا من بينها طفولة تخطط لمستقبل قادم، تمحي كل القلق الليلي، وتجعل من أحلامنا المجنونة وأحلام الطفولة، حقائق كانت تعتبر أحلاما مجنونة يوما..؟؟ فلا أنت، ولا أنا المجنون، لكن ما يحومنا أدخلنا في عالم مجنون..؟؟ فما أحلانا ومن أمثالنا نحن المجانين، أن نعمل جمعية قد نحقق من جنوننا جنونا أجمل تسمى جمعية العدالة..؟؟