سميرة ابراهيم الادارة العامة
عدد الرسائل : 1327 تاريخ التسجيل : 25/08/2007
| | قراءة في القصة الصينية :زهرة الثلج و المروحة السرية | |
المصدر :بان حسني السيد من موقع http://www.elmaqah.net
Snow Flower & the Secret Fan ليزا سي ، من الصينزهرة الثلج و المروحة السريةهل تكتبين Nü Shu؟ هل لديك قدمان كزنبقتين من ذهب ؟ هل ولدت في سنة الجواد؟ هل عندك توأم روحي كزهرة الثلج؟ هل تنجبين الذكور أولا؟ إن لم تكوني كذلك فلست أهلا إذا لتصيري مثل الليدي لوو !!!قصدت معرض الكتاب قبل أسبوعين و كنت أبحث عن شيء مختلف، عن كتاب يشدني من تلابيبي ، يمسك بشعر رأسي و يسحبني إلى صفحاته طواعية كما يفعل السحر الأسود ، لا يبطله شيء و إن كان ضجيج البيجر أو الخلوي أو صراخ أطفالي بغل تحت وطأة الجوع الكافر !زهرة الثلج و المروحة السرية، رواية تقع في مائتين و سبعين صفحة ، قطع متوسط ، صدرت في عام 2005 م للروائية الأمريكية الصينية ليزا سي. تضم الرواية أربع وحدات رئيسية ، ينقسم كل منها إلى فصول عديدة . تتناول ليزا حياة صديقتين صينيتين في القرن التاسع عشر 1823-1905م ،و تفصل في شرح البنية الاجتماعية و العادات و التقاليد في عيون المرأة آنذاك ، و من غرفات النساء ، و بالنوشو فقط !!حب التينج آي !\" عندما كنت أحس أني لن أحتمل لحظة أخرى من الألم، و حين تتساقط دموعي على أربطتي (أربطة للقدمين) الدامية ، كانت أمي تهمس في أذني و تشجعني كي أحتمل ساعة أخرى، يوما آخر، أسبوعا آخر . بهذه الطريقة، لم تعلمني كيف أتجلد على أوجاع قدمي فحسب، بل على تباريح قلبي ، عقلي ، و روحي.\" ص4 بتصرفهكذا تستهل ليدي لوو – ليلي قبل الزواج – قصتها و هي تقضي أيامها الآخيرة أرملة متأملة ، تماما كما تقتضي تقاليد قريتها ، تستحضر طفولتها و شبابها و شيخوختها. لم يكن مسار حياتها غير عادي فهي مرت بكل ما تمر به المرأة الصينية، ابتداء من أيام الابنة / الطفولة، فأيام شبك الشعر و رفعه ، و من ثم أيام الأرز و الملح ، و انتهاء بأيام الجلوس و الصمت و الموت البطيء. \" ها أنا أرملة صامتة فهمت أخيرا أنها كانت عمياء لسنوات طويلة. مروحتي أمامي ، بقدر ما هي خفيفة حين أحملها بقدر ما هي مثقلة بالكثير من الأفراح و الأتراح\" ص4 \"أكتب صفحاتي هذه إلى هؤلاء الذين ينتظرونني في العالم الآخر . فلأدع كلماتي تصل إليهم قبل أن تصعد روحي\" ص 6أيام الابنة ( 9-78)ليلي فتاة صغيرة من قرية پوي في محافظة يونغ مينغ من قبيلة ياو. تتكون أسرتها من الجدة والأب و الأم و الأخوة و يقطن العم و زوجة العم و ابنتهما في منزل العائلة . يعمل الرجال بالزراعة بينما تقضي النساء معظم وقتهن في حجرتهن المشتركة في الطابق العلوي ، يمارسن أشغالهن المعروفة و نادرا ما يتصلن بالعالم الخارجي أو يتصل بهن أحد من الخارج. سن السادسة هو سن ربط الأقدام ، فالقدم عنوان الجمال و الجاذبية ، و كلما صغر الحجم زاد الطلب و المهر و ارتفعت أجرة الخاطبة. تبدأ عملية الربط باستخدام طريقة معينة ، تطوى فيها الأصابع إلى الكعب و تبقى الأصبع الكبيرة دون ربط حتى تزداد عظام القدم هشاشة و تحدث الكسور المطلوبة ثم تجبر القدم بطريقة محددة ، و يستمر الربط حتى تضمر القدم و يصبح طولها المثالي 7.5 سم فقط. يعد هذا الطول قمة الأنوثة . قد تؤتي عملية الربط أكلها و قد تكون النتائج وخيمة ، و حينها ينتهي المآل بالفتاة إلى عدم الزواج - و هذا هو العار بنفسه - أو تهدى إلى عائلة كي تربيها حتى سن البلوغ ، ثم تستخدم الفتاة للإنجاب فقط و لا حقوق لها غير الطعام و المأوى، و قد تباع في سوق النخاسة و تبقى جارية طوال حياتها. يكلف الأهل العراف بتحديد أفضل وقت للربط و بعد أن يفحص الأقدام و يبصر في الطالع، يقوم بتحديد اليوم و يمضي. لكن قدما ليلي ليستا ككل الأقدام , فالعراف طلب استشارة مدام وانغ خاطبة قرية تونغ كو التي لا يشق لها غبار !! قلبت مدام وانغ ليلي و نظرت إلى الأم بحزم ، \"فتاة لطيفة، إن أحسنت ربط قدميها ، ستتزوج هذه الفتاة التي لا قيمة لها رجلا من إحدى عائلات ضاحية تونغ كو ! \" ص 21 نعم ، تونغ كو !! تونغ كو تعني مهرا أثمن ، وضعا اجتماعيا أفضل ، حماية أكيدة و اتصالات أوسع . تونغ كو حلم لا يمكن أن يتحقق لابنة مزارع. لم تكتف مدام وانغ بذلك بل وجدت ( لاوتونغ= توأم روحي ) من تونغ كو ، فتاة من عائلة غنية ، اسمها زهرة الثلج ، ولدت في نفس الشهر الذي ولدت فيه ليلي و في عام الجواد و فقدت أختا صغيرة كما فقدت ليلي أختها الصغيرة و تلاقت العلامات في ثمانية مواضع ! يكتب عقد التوأم الروحي في معبد چوپو المقدس، تقتضي شروطه أن تلتئم عرى الأخوة بين الصديقتين مدى الحياة و لا يفرقهما سوى الموت. اللاوتونغ علاقة لها مكانتها الاجتماعية و احترامها بين عائلات الصين. صارت ليلي الفتاة النكرة موضع الآمال و الأحلام في زمن كانت تعد فيه البنت عبئا على أسرتها و كما يقولون في أمثالهم ، \"كلب أفضل من فتاة ! \". يبدأ ربط قدمي ليلي و تصلها رسالة أولى مكتوبة (بالنوشو) على مروحة يد بعثت بها زهرة الثلج. و تبدأ الإقامة في حجرة النساء . تعاني ليلي من قدميها و تتعلم أصول الحب و الحياة من منظور جديد. و كما تقول أمها، \" السيدة الحقيقية لا تسمح للقبح بأن يدخل حياتها. لا جمال دون ألم ، لا سلام دون معاناة، أنا ألف قدميك و أربطهما لكنك أنت من يجني الثمر .\" ص 30 يا لهذا الحب القاسي ، إنه حب التينچ آي! أيام رفع الشعر و شبكه ص83-146 \" تزويج الابنة يشبه إراقة كوب من الماء \"ص 263عندما تبلغ الفتاة سن الخامسة عشر ، تكون قد خطبت، يتم رفع شعرها بطريقة محددة كناية عن قرب مراسم الزواج. تتحدث الفتاة همسا و تمشي بكبرياء و نعومة حيث تحط زنبقتاها . يكون المهر قد وصل و تكون العروس قد حاكت أثوابها و هداياها لعائلتها الجديدة و أهمها أغطية الزواج فكلما زاد عددها ، زادت البهجة و حل الفأل الحسن بإنجاب مزيد من الأبناء!!تقوم ليزا في هذه الفصول بشرح مسهب عن طريقة الإعداد للزواج و الأغاني التراثية و أهازيج النوشو التي تتعلمها الفتاة و مراسم زف العروس و الاحتفال بها و كيف ترى حماتها قبل أن تتعرف إلى زوجها و كيف تقابل زوجها في أيام معدودة ثم تعود إلى أهلها . يبقى الحال على ما هو عليه حتى يحدث الحمل فلا تعود إلى زوجها و لا تسكن معه و أهله حتى تضع مولودها الأول و حينها فقط تسكن دارها و تقع تحت سلطة حماتها. الليل للأزواج ، و النهار لأمهاتهم !! تتعلم ليلي الكثير من بروتوكولات التعامل من زهرة الثلج و التطريز الذي يليق بفتاة من أسرة غنية و الأهم من ذلك النوشو ! فزهرة الثلج لها خط منمق و مقدرة فذة على تركيب مفرداتها و صياغة قصصها. في المقابل ، تتعلم زهرة الثلج من ليلي كل الأعباء المنزلية و الغسل و التنظيف و إطعام حيوانات المنزل و التأقلم مع وضع معيشي يختلف تماما عن واقع بيئتها.ليلي تظفر بقدمين لا تتجاوزان سبعة سنتمترات و تخطب لأشرف عائلات تونغ كو أما زهرة الثلج فتخطب لعائلة من قريه جنتيان، لكن تفاصيل عائلتها الجديدة تبقى طي الكتمان تماما كتفاصيل عائلتها الأصلية ، فرغم عشرتها الطويلة لليلي و زياراتها العديدة في مواسم الأعياد ، إلا أنها لم تقم بدعوة ليلي إلى زيارة أهلها و معاشرتهم . أمر حير ليلي طويلا و ظل يشعرها أنها اللاوتنغ الأقل شرفا و نسبا و حظوة.تزف ليلي أولا و حين تصل إلى تونغ كو تفاجئ زهرة الثلج بزيارة خاطفة و هناك تكتشف الحقيقة، فزهرة الثلج تنحدر من عائلة عريقة إلا أن أباها قد فقد ثروته بفعل الحشيش و الإدمان و جلب لعائلته العار إلى الأبد و لذلك لم يطلب أحد من أشراف تونغ كو أو فقرائها الزواج من زهرة الثلج، و لم يبق أمام خالتها الخاطبة مدام وانغ إلا أن تزوجها بجزار خنازير من جنتيان !! جزار ! جزار ! هذا يعني قمة التلوث في ثقافة ليلي و أمران أحلاهما مر في ثقافة زهرة الثلج. الحقيقة ترفع أقواما و تضع أقواما ! ليلي تحب زهرة الثلج و تدين لها بتغيير قدرها ، لكنها كانت طوق نجاة لها من مستنقع الحشيش و العار. و الخاطبة اللئيمة كانت تحب ابنة أختها بصدق و ضربت عصفورتين صغيرتين بحجر كبير! في تلك اللحظة فقط ، تحولت ليلي إلى الليدي لوو!أيام الأرز و الملح ص149 - 243 تستقر الفتاتان في منزل الزوجية و تبدأ عملية التأقلم مع الأزواج والحموات و بناتهن و زوجات أبنائهن ، تستمر المراسلات بين الصديقتين على ثنايا المروحة و تكسر زهرة الثلج قواعد النوشو للمتزوجات فتتحدث عن علاقتها بحماتها و زوجها و مشاعرها الخاصة ضاربة بالعرف و التقاليد عرض الحائط. تتعرض البلاد لبدايات تمرد على الإقطاع و الإقطاعيين و يضطر زوج الليدي لو إلى السفر للتجارة بالملح حتى يضمن مصدر رزق له و لعائلته إن خرجت البلاد من حكم الامبراطور و فقد آل لوو أراضيهم و اتصالاتهم السياسية.يجتاح البلاد مرض التفوئيد و يحصد عائلات بأكملها. يموت آل لوو و تصبح ليدي لو سيدة تونغ كو الأولى و يصبح زوجها مستر لوو من أغنى تجار الملح ! أما زهرة الثلج فتتدهور أوضاعها من سيء إلى أسوأ، تفقد ابنها و تلد خمسة أطفال ميتين ، تعاني من الجوع و الذل و كما وصفت نفسها \" أصبحت متسولة في منزل زوجي .\"ص 210 تساق جيوش الامبراطور لحصد رؤوس المتمردين أثناء وجود ليدي لوو في ضيافة توأمها الروحي ، مما يضطر الجميع للهروب إلى الجبال و العيش على سفوحها ثلاثة أشهر. تبدأ ليدي لوو برؤية صورة زهرة الثلج كما هي و تكابد ما يكابده الناس، فليدي لوو تعودت على الحرير و نسيت رائحة الفقر ! ليدي لوو ستتعلم شيئا آخر لم تعلمه إياها حجر النساء. لكن هل يمكن أن تتغير، أن تقل صلابتها ، أن تتجاوز العرف و التقاليد و العادة ، أن تحل رباط قدميها الذي كبلها من الداخل؟ هل ستحس بعمق معاناة زهرة الثلج . و هل ستقبل زهرة الثلج شفقة مغلفة بالحب. كل ما ستقوله لليدي لوو، \"لديك كل شيء و مع ذلك لا تملكين شيئا !\"ص210ينجح الامبراطور في قمع المتمردين و تبعث زهرة الثلج برسالة إلى ليدي لوو ، تقرؤها ليدي لوو بمعنى مغاير فهي ليست بليغة كتوأمها .تقاطع زهرة الثلج و تنبذها ، و لا تتكبرعليها فقط بل ترفض أن تجعل من ابنتيهما لاوتونغ ، فكيف ستزج بابنتها في بيت ملوث تقطنه ابنة الجزار!! ( يا لطيف) لن تكتفي بذلك ، ستلتقي بزهرة الثلج التي ستعاتبتها في أهزوجة نوشية فترد لها الليدي لوو الصاع صاعين و تعريها أمام نساء القرية و تفضح سرها و تتكلم عن بيئتها الملوثة بدم الحيوانات و عن زوجها الذي يشبعها ضربا . تصير رسالة التوبيخ التي تلتها الليدي لوو مضرب الأمثال و ترتل في محافل كثيرة للدلالة على أصل الليدي و سوء طالع توأمها.نهاية تعصف بزهرة الثلج و أسرتها حتى بعد أن تموت بالسرطان.و كما قالت ليدي لوو، \" ما زلت أتعلم عن الحب، ظننت أني فهمت حب الأمومة و حب الزوج و حب الآباء و حب اللاوتنغ. جربت أنواعا أخرى من الحب ، حب الشفقة ، حب الاحترام ، حب العرفان لكن عندما أنظر إلى مروحتي و رسائلنا المكتوبة عليها ، أدرك أنني لم أقدر أهم حب ، الحب العميق النابع من القلب . \" ص 5 . . .لن تنتهي القصة حيث توقفت ، ستكتمل دورة الحياة و ستختلط دماء حفيدة زهرة الثلج بآل لوو و حينها ستحكم دماء ليلي و زهرة الثلج كل آل لوو !كلمة و نصف رواية إبداعية و كاتبتها خلاقة. لغتها سلسة كالماء القراح . غنية جدا بالتفاصيل ، مليئة بالتراث الصيني ، بالعادات البائدة ، بالمعتقدات المغلوطة ، بالأعياد الصينية ، بالأعراس و الاحتفالات ، بالأجداد ، بالموت و مراسم الدفن و طرد الأرواح الشريرة، بالأهازيج ، بالظلم ، بظلم المرأة للمرأة ، بظلم المجتمع للمرأة ، بضعف النساء و قوتهن !رواية تتحدث عن الحب حين يكون عميقا من طرف و مكبلا و سطحيا من طرف آخر، عن الحب حين يتغلب على مساوئ من نحب من جهة و حين لا يتقبل الآخرين على ما هم عليه من جهة أخرى، عن الحب حين يصير أد اة للانتقام و دواء للمغفرة ، عن الحب الذي لا ينتظر مقابلا، عن الحياة حين تعلو فتسحب معها طير الآخر و تهبط فيستكين جناحاه.رواية تتحدث عن لغة النوشو التي استمرت ألف عام ، اخترعتها نساء ياو و أبقينها سرا على الرجال . لها حروفها الخاصة و مخارجها الصوتية المختلفة و تكتب على شكل سطور شعرية. تدون بها النساء مراسلاتهن و همومهن و ما يشأن و من ثم يتم حرق كتاباتهن عند الموت. أبطلها اليابانيون عند احتلال الصين في عام 1930 م خوفا من استخدامها في أغراض الجاسوسية. .لغة النوشو خرجت من مربع النساء.. فحذار من جوع النساء و غضبهن !! | |
|